كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن انشاء جهاز للامن الداخلي نصت عليه الوثيقة الدستورية كقوة تتبع لوزير الداخلية تقوم بمهام العمل الجنائي، لا ادري اين وصلت خطوات الحكومة لانشاء هذا الجسم حتي الان ، غير ان الطرق الدائم علي الامر يشئ بان هنالك تحركات جدية لتشكيل القوة التي اعلنت قيادات (الحرية والتغيير) انها ستكون من شباب المقاومة ومجموعات اخري.
هالني الامر وطفقت اتساءل تري هل بلادنا في حاجة لقوات جديدة ( يعني نحنا ناقصين)، المهام التي ستوكل لهذه القوات تقوم بها فعليا اجهزة موجودة وفاعلة من بينها الشرطة السودانية الجهة الاحترافية في مجال العمل الجنائي والامني باداراتها ذات الدربة والكسب المتميز في المباحث ومباحث المعلومات والشرطة الامنية، هذا علاوة علي الادوار المتقدمة ل(جهاز المخابرات العامة) للحفاظ علي الامن القومي.
لا اعتقد ان السودان بحاجة الي قوات جديدة في ظل ما هو موجود بالفعل من قوات نظامية وتكوينات عسكرية مازالت في انتظار الدمج و التسريح والتقنين .
برايي ان اي حديث عن انشاء قوات جديدة حتي وان نصت عليها الوثيقة الدستورية لا يعدو ان يكون ترفا في ظل واقع اقتصادي بائس وواقع امني ملغوم بكثير من التقاطعات والتعقيدات ، ستكون الحكومة مثل ( الاقرع ونزهي) ان اقدمت علي تكوين اية قوات جديدة ، اذ مازالت ميزانية الامن والدفاع تشكل عبئا علي الدولة وتفجر في كل عام جدلا حول ارتفاع بنود صرفها علي حساب الخدمات الاساسية للمواطن في الصحة والتعليم والتنمية .
في موازنة العام الحالي حاز القطاعان العسكري والامني علي نسبة68% من الموارد المخصصة للقطاعات، كما ان الميزانية المعتمدة لجهاز الامن والمخابرات زادت بنسبة145%, يحدث هذا في ظل تراجع بنود الصرف علي الخدمات والمشروعات التنموية والاحتياجات الاساسية للمواطن.
في ظل كل هذا الصرف علي الاجهزة الامنية والعسكرية القائمة تري ما هي الجدوي من انشاء جهاز للامن الداخلي، هل تراها محاولة لجني الغنائم وتقديم مكافات للجان المقاومة تفاقم من الوضع الاقتصادي المازوم اصلا ، وهل من الاجدي التوسع في انشاء قوات جديدة ام تعزيز قدرات الاجهزة القائمة التي تقوم في الاصل بمهام جهاز الامن الداخلي المقترح.
هل تمضي حكومة الثورة لتكرار تجربة الانقاذ في انشاء اجسام عسكرية موازية لما هو قائم الان مثل الشرطة الشعبية والدفاع الشعبي والامن الشعبي؟! ، هل هو التمكين الجديد ام هي القراءة من ذات كتاب الاخطاء التي ادركتها الانقاذ في نسختها الاخيرة وحاولت تجاوزها فلم يسعفها الوقت..
لا تكرروا اخطاء السابقين لدينا اجهزة قومية تحتاج الي الدعم والاسناد وتعزيز القدرات اعينوها بدلا من اضعافها بانشاء قوات جديدة لن يتوافق اويتعايش معها الشارع .
*صحيفة اليوم التالي*
التعليقات مغلقة.