كفاح ام خير يتوقف..! ام روابة تشيٍع ابرز بائعات اللبن في موكب مهيب والراحلة شاركت الرجال في تخطيط احياء المدينة

بقلم : محمد احمد الدويخ
شيعت ام روابة صباح اليوم الثلاثاء 31 / 1 / 2023.م الراحلة ام خير محمد سعيد (ام ياسر) احدى ابرز سيدات ام روابة في موكب مهيب بمشاركة كافة شرائح المجتمع من بالمدينة يتقدمهم الباعة والموظفين وتجار الزعف والروب ..وهم يودعون احدى ابرز النساء المكافحات في تربية ابنائها بكل جسارة وتضحية حتى حمل ابناؤها اسمها تزامنا مع كل مناسبة عظيمة بكل فخر واعتزاز ..

ياسر ود ام الخير ..
الجهر في مكان السر والفخر :

فقد جهرت المدينة باسم (ياسر ود ام خير ) الذي ظل يعتز بوالدته امام الرجال في وقت يستحي فيه آخرون ان ينادوا باسماء امهاتهن ، فقد كانت الراحلة ام خير محمد سعيد أشبه بالسرة بت عوض الكريم التي جسد شخصيتها شاعر الغلابة الشاعر الفذ محمد الحسن سالم حميد وتغنى بها الفنان الكبير مصطفي والتي قال عنها :
دي السرة بت عوض الكريم ..
سرة عقاب ..سرة تواصل بيننا بين رحم التراب ..والجاية في الزمن الرحيم ..مره من قديم ..
ما فيها علقنة الرجال ..
ما فيها دلقنة الحريم..
مره بت قبائل قالوا لا ..
واختاروا في الحق الجحيم..
ومن رفقة الفسل الخلا ..
وكانت نعم تدي النعيم ..
مره من صميم ضهر الغلابة..
الما بتنكس راسا غير ساعة الصلاة
أو ترمي تيراب في التراب ..
أو تستشف وجه السديم ..
ستين سنة آ السرة بت عوض الكريم
وعودك أمدا ما انحنى ..
هو النيل انحنى ..

أم خير ومعايشة الاجيال :

على امتداد الازمنة والامكنة ظلت الاجيال المتعاقبة منذ الستينات والتسعينات من جيل الوسط تعايش مجاهدات الراحلة ام خير وكفاحها الذي شهد عليه الجميع ، فقدعايشنا كفاح (ام خير ) مطلع التسعينات ونحن طلاب بالمرحلة الثانوية يدفعنا الحماس ما بين دارها العامرة بمربع (2) ودار العمدة خيرالله (اب دقل) ..وجرجور وآل جبريل ومهلي واولاد الزاكي وآخرين .

دكان الزين وشواهد الزمن :

لم تسقط عن الذاكرة مداعبات الحاجة ام خير محمد سعيد مع جارتها الحاجة حواء بت تمساح ود الامير امام متجر الزين حسن في الصباح الباكر ، ذلك المتجر الذي ظل طيلة هذه الازمنة يحتفظ بعراقته التقليدية ولون الحيطة الشاحب وكأنه يجسد رمزية الزول السوداني الذي ظل يعاني وهو في سعيه الحثيث لا يعبأ بامتلاك علبة (مرطب) او فتيل (جلسرين) يزيل غباشة جسمه النحيل (رجلٌ) كان او (امراة) الكل في سعي الحياة شبيه .. ظلت ام خير تكافح حتى بعد وفاة زوجها عبدالله الشريف (تاجر السعف ) المعروف بام روابة وكانت (ام الاولاد) في قمة عطائها في العمل الحر دون تنازل او حرج تؤدي واجب العمل باخلاص بائعة لبن تكفي (عُمرتها) كل سكان الحي وقد عرفت بيدها العفيفة واخلاصها واحترامها للجميع ، بجانب واجبها الاجتماعي الكبير والذي ظل تؤديه بحرص وثقة من خلال مشاركاتها الاجتماعية السخية في اغلب مناسبات المدينة عامة والحي على وجه الخصوص متمثل ذلك في دورها الاداري غير المسبوق فهي مثال للمرأة الادارية المجتهدة ويشهد لها التاريخ مشاركتها في توزيع المخطط السكني بأحياء المربعات (الامتداد) بام روابة في اول لجنة ادارية برفقة الراحلين الأفذاذ علي عكام وادم الرحمة (مؤسسي احياء الامتداد) وهو ما عرف لاحقا بحي عثمان بن عفان مربع (2) حي البزعة.

الاسرة الممتدة بين بعشوم
وآل شنقيط :

الراحلة أم خير محمد سعيد تعود جزورها الى منطقة بعشوم البزعة شمال شرق ام روابة فيما يرتبط زوجها الراحل عبدالله الشريف بارحامه بالشناقيط وابرز زعمائهم بام روابة الشيخ شريف سيدي الشنقيطي فهي امتداد لاسرة عميقة الجزور ، الراحلة والدة كل من :
ياسر عبدالله الشريف و ابراهيم ابو مريم لاعب هلال ام روابة الابرز والموظف ببنك الخرطوم فرع ام روابة .وشقيقة حمد محمد سعيد والحاج وممدوح وعمة وابو القاسم نوري.

أم روابة تشيّع الراحلة
في موكب مهيب :

شُيعت مدينة ام روابة جثمان الراحلة ام خير صباح الثلاثاء 31 / 1 / 2023.م بمقابر ام روابة في موكب مهيب بحضور اغلب شرائح المجتمع ورموزه وزعماء الادارة الاهلية والطرق الصوفية ومنسوبي المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني واكدت الاسرة تلقي واجب العزاء بمنزل الاسره بحي عثمان بن عفان مربع(٢).
وتعد الراحل مثال نادر للكفاح والتضحية النسوية والتسامح بين المجتمعات التي ظلت تتقبل الاخر في انسابها واحسابها بل ومشاركة المراة مهما كانت مكانتها الاجتماعية في السلم الوظيفي الرسمي او العمل الشعبي الحرة.
فالكادحون في بلاد هم ملح الحياة وشحم عجلتها التي ما زالت تدور وفي الذاكرة القصيدة الرائعة (بائعة الكسرة) للشاعر الصوفي الفذ محمد المهدي المجذوب شاعر (ليلة المولدة) :
يا بائعة الكسرة اهواك..ألقاك ..
الشاش الابيض بين يديك غمام ..
اشتم سماحتك الخضراء ..
وترحاب رضا جمالك ..
لا غيرة من اترابك ..
الايثار الغادي ..
رزق الله تقسم في اصحابك ..
كدح شاكر ..
اهواك ..أصابع صبرك
والعمل الموصول ..
الصبر تجمّل ..
سمة من كبر وحنان..
أسمعتِ بذاك البائع ..
ذاك السارق ..؟
خان الميزان ..!
وارى أطفالك في ذاك البيت الاقصى ..
يتنظرون العائد في كل مساء ..
ذاك البيت الناشيء فوق ركائزه ..
لا يعنيه نفاق تيوس ..
مكتحل العينين ..
لا يعنيه لصوص الشمس ..
ولؤم السُعر ..ولا تطفيف الكيل ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.