الرؤية الإقتصادية.. بين القطاع الخاص والحكومة الإنتقالية (تقرير)

تقرير: علي وقيع الله
شهدت قاعة الصداقة بالخرطوم أكبر تظاهرة إقتصادية، نظمها أصحاب العمل السودانيين، أمس الأول، شرف حضورها وزراء القطاع الإقتصادي، وكل أدلى بدلوه، فتحدثوا بإستفاضة وبنبرات صادقة وبإسهاب في جذور المشكل الإقتصادي منذ تاريخه مع النظام السابق مروراً بواقعه المعاصر وصولاُ إلى مستقبله في البلاد، بجانب إعلاء صوت المبادرات لخلق شراكة فاعلة بين القطاع الخاص والحكومة الإنتقالية ومن ثم توحيد رؤية إقتصادية قومية شاملة.
ضبط أموال منهوبة
كشفت وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي، عن ضبط أموال كانت منهوبة بكمايات ضخمة، وتعهدت بإستردادها لخزينة الدولة وستحدث تحول إقتصادي كبير، وقال وزير المالية إبراهيم البدوي، أنها موجودة وتحت مراقبة ومسؤلية الأجهزة العدلية وسيتم الحصول عليها قريباً.
وأكد البدوي أثناء مخاطبته أكبر تظاهرة إقتصادية بعنوان الرؤية المشتركة بين القطاع الخاص والحكومة الإنتقالية التي نظمها تجمع أصحاب العمل السودانيين، بقاعة الصداقة، أهمية التفاكر في البرنامج الإقتصادي الذي يعبر بالبلاد إلى أفاق أرحب، وأشار إلى أن موازنة 2020 تمر بمخاطر ماثلة في العجز وبنائها على موارد غير حقيقية مما أدت إلى إرتفاع التضخم وأسعار الصرف بجانب غلاء المعيشة وما يعرف بالإنكماش الإقتصادي، وأضاف أن معدل البطالة يقدر بنسبة 40% ، وأرجع ذلك لتركة النظام السابق وتبعاتها من إدراج السودان في العقوبات الإقتصادية ورعاية الإرهاب، بيد أنه قال ان الوزارة سعت لتقديم إسعافات إقتصادية بإصدار توجيهات لزيادة الجهد الضريبي من 12 إلى 15% من الناتج الإجمالي المحلي بالإضافة إلى إلغاء كافة الضرائب والجبايات الولائية على الصادرات الزراعية، في وقت أقر فيه بضعف أداء البنك المركزي بسبب أن النظام السابق حوله إلى وزارة مالية مصغرة، وفي الأثناء أعلن عن خططة وزارة المالية لإعفاء بنك السودان من شراء الذهب والمشتقات البترولية والقمح، وأوضح أن ما ما يحدث بسوق العملات بالفوضى والمضاربات، وألمح بأن هناك مساعِ للتعاون مع بنوك عربية لتخفيف الضغط على النقد الأجنبي.
سياسة إقتصادية جديدة
وأكد البدوي حرص وزارته على إتخاذ إجراءات لتثبيت الإقتصاد الوطني متمثلة في إنشاء بورصة لصادرات الذهب والمحاصيل الزراعية قريباً، وبالنسبة لمعاش الناس قال البدوي أنها أولويات الموازنة الجديدة بجانب توظيف الشباب وسيتم ذلك بالتعاون من الإدارات المحلية، ونوه إلى أن هناك نية الشروع في التعداد السكاني والزراعي باعتباره أمراً مهماً، واضاف بحسب توقعات الأمم المتحدة سيوفر 30 ألف وظيفة لمدة سنتان إلى 3 سنوات، وبشر الشعب بالشروع في الهدف الإستراتيجي للمشروع الإقتصادي للإنتقال من الدولة المثقلة بالديون إلى دولة المستقبل الإقتصادي المتطور والمنشود علاوة على الحصول من صندوق النقد العربي 70 مليون دولار ، وزاد البدوي أن إستناد موازنة 2020 على 4 محاور متمثلة في السلام في 11 ولاية بجانب تخصيص 70% للمركز و23% لكافة للولايات و7% للولايات المتأثرة بالنزاعات، وألمح أن أهداف التنمية المستدامة متمثلة في التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية بنسبة 100% بجانب ترتيب ومعالجة تشوهات الخدمة المدنية وتقييمها وزيادة المرتبات بنسبة 100% بالإضافة إلى تقوية وفاعلية نظام الدخل الأساسي الشامل للمواطنين بنسبة 60% والتي إعتبرها سياسة جديدة في تاريخ البناء الإقتصادي.
تحديات القطاع الخاص
يعقبه متحدثاً في اللقاء الإقتصادي، وزير التجارة والصناعة، مدني عباس مدني، مقراً في بداية حديثه بوجود إشكالات وخلافات بين القطاع الخاص والحكومة طوال عهد النظام السابق، مشيراً إلى تحديات ضخمة كانت تواجه القطاع الخاص متمثلة في التسييس والتحرير الإقتصادي بجانب معاناة القطاع الإقتصادي الحر وكانت موصدة أمامه المساهمة في التنمية بالبلاد، بيد أنه ذكر أن الإسبوع الماضي تخحقق قانون تصفية التمكين الإقتصادي الذي إستفادت منه فئات معينة على حد قوله، وتابع أن جل المسؤولين سيرجعون إلى وظائفهم بعد نهاية الفترة الإنتقالية نسبة لوجود نظام مختلف عن النظام السابق، وقال أن الدولة بحاجة إلى تهيئة أكبر للعبور من العزلة الإقتصادية التي كان يقبع فيها السودان، وأشار عباس إلى وجود أكثر من 60 % من العمالة خارج هيكلة الدولة ينبغي أن يتم تنظيمها، في الأثناء جدد إلتزام الحكومة بعلاقات تشاورية وأيادي بيضاء مع القطاع الخاص للمشاركة في تحقيق نهضة البلاد.
أسباب ضعف الأستثمار
وفي سياق متصل قالت رئيس جهاز الإستثمار وتطوير القطاع الخاص، هبة عبدالرخمن علي، ان الإستثمار يلعب دوراً هام في مساعدة ومساندة جميع القطاعات الإقتصادية، لكنها أرجعت ضعف الإستثمارات لتعدد الجبايات التي وصلت إلى 17 ضريبة وجباية وكانت خصماً على أكبر المشاريع بالبلاد، وتابعت إذ يعاني القطاع الخاص من شح في النقد الأجنبي بجانب ضعف في التمويل وعدم وجود رؤية معينة تستفيد منه البلاد، وأشارت إلى أن الإستثمار في السودان بالمرتبة 171 مقارنة بأصل 197 دولة، واقرت بوجود معوقات الإستثمار مجتمعة في رداءة البيئة العملية والقوانين والأمن العام، وأضافت عملنا على معالجة البعض منها في تعديل القانون وإعادة المناطق الحرة للعمل بما يتلاءم مع أهداف الثورة، مؤكدة وضع خارطة طريق لدلالة الإقتصاد القومي، وأردفت قائلة سيكون على القطاع الخاص سهماً لخلق الوظائف لخفض نسبة الفقر والمساهمة في القيمة المضافة وبناء المنشأت الصناعية، متمنية في ختام كلمتها من القطاع الخاص بخفض الضرائب والجبايات وخلق العدالة في منح الفرص الوظيفية.
الإسهام في بناء الإقتصاد
بدوره قطع ممثل القطاع الخاص، هاشم صلاح مطر، بأن مبادرة تجمع أصخاب العمل لتوحيد الرؤية الوطنية وان القطاع الخاص سيكون سنداً للحكومة الإنتقالية، وتعهد بوضع الأيدي سوياً لبلوغ الدور التاريخي لوضع الوطن في المسار الصحيح، واعداً المنتجيين والموردين والمصدرين بأن يعملوا في مقدمة بناء الوطن، وأعلن عن جملة من المباردات متمثلة في معاش الناس مناشداً القطاع الخاص للركب في مبادرة بناء الوطن وأن يكون في حدقات العيون، واكد إسهامهم مع السياسين والناشطين والحكومة الإنتقالية والقطاع الخاص لتوجيه كل العائدات لمعاش الناس مع التركيز على المناطق المتأثرة بالنزاع، وقال سنعمل كشركاء مع الحكومة بشكل أفقي ونودع بنية الفرد والإقصاء، داعياً الحكومة الإنتقالية لطلب العون وتكوين الرؤية الإقتصادية التي لا تقبل المساومة بجانب عمل ورش لنبذ كافة التقاطعات، وطالب من الطبقات العسكرية والسياسية والتنفيذية أن يضعوا السودان في المقدمة.
الإهتمام بالإنتاج والتسويق
إلى ذلك قال وزير الثروة الحيوانية والسمكية، علم الدين عبدالله أبشر، أن الثروة تحتاج إلى تخطيط سليم وإدارة جيدة لأهمية الثروة الحيوانية خاصة أن معظمها مملوك للقطاع الخاص، داعياً القطاع الخاص للإهتمام بالإنتاج التقليدي والحديث بجانب الإهتمام بصادرات الحية والذبيحة، كما طالب القطاع الخاص بالمشاركة في تسويق الثروة الحيوانية ومشاريع الإستزراع السمكي لتقليل تكلفته بالسوق للمواطنين، واشار إلى أهمية مراجعة أسعار الألبان ومساهمة القطاع الخاص فيها بجانب الإعتماد على أسس بخثية علمية
إستغلال موارد البلاد
القيادي بإعلان قوى الحرية والتغيير، خالد عمر، قال في ذات اللقاء أن البلاد تمر بمرحلة دقيقة وهناك مخاطر تهدد البلاد وتحتاج لقراءة أكثر دقة، ملمحاً في الوقت نفسه إلى قضية معاش الناس وضرورة العمل لحل المشكل الإقتصادي لإستمرار الحكومة، وأشار إلى أن الحل موجود في الداخل وليس في الخارج، وحث على ضرورة إستغلال موارد البلاد بالصورة الصحيحة، وشدد بضرورة إشاعة روح السلمية في العمل للعبور بأمان من المشكل الإقتصادي، ونوه إلى أن القطاع الخاص تضرر من النظام السابق الذي أبعد رؤؤس الأموال الوطنية وبالتالي كان القطاع الخاص مشروع دمار من قبل الإنقاذ، واشار خالد إلى إشكالات متمثلة في البعد عن الإنتاجية، مطالبا في الأثناء بضرورة مراجعة القطاعات الزراعية والصناعية والحيوانية خاصة أن العافية بدأت تدوب في القطاع الخاص، وشدد على ضرورة محاربة الفساد ووصفها بالمسؤولية التضامنية بجانب معالجة السوق منه.

التعليقات مغلقة.