مولانا تاج الدين رئيس التحالف السوداني القومي: إتفاقية جوبا للسلام حبر على ورق

الخرطوم – كمبالا – سودان إندبندنت
• بداية لديكم رصيد كبير في النضال ضد الحكم الشمولي لعمر البشير منذ أن كنت بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان والتي عملتم فيها كمستشار قانوني للجيش الشعبي, ثم أخيراً التحالف السوداني القومي وحركة العدل والمساواة الجديدة …. من هو مولانا تاج الدين ابراهيم؟

أولاً أشكرك واشكر صحيفتكم المتميزة علي التواصل معنا لإجراء هذا الحوار في هذه اللحظات الحرجة من عمر الوطن, البطاقة التعريفية تاج الدين إبراهيم إسماعيل أحد أبناء السودان الرائع والمتنوع في الأعراق الثقافات والديانات,
الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان كانت محطة مهمة حيث نهلنا من مدرستها الثورية وتشبعنا بارثها النضالي المبني علي روح التضحية والإلتزام بالمركزية الثورية وبالتالي تركت في تفكيرنا الجمعي الإحساس بالمسؤولية الإشتراكية في قضايا الوطن.
• ماهو تقيييمكم لإتفاقية جوبا للسلام أولا وهل يوجد بها ما يمكن أن يشجع على إكماله بمعني هل هنالك جوانب إيجابية يمكن أن تكمل لتصبح أشمل في تحقيق السلام أم لا تصلح برمتها ويعاد فيها النظر من جديد؟

إننا في التحالف لا نؤمن ببدعة المسارات منذ البداية لأن مشاكل البلاد كلها تدور في مسألة اختلال ميزان السلطة وإدارة الدولة بعقلية إنتهازية خلقت مركز يؤمن بهوية وثقافة واحدة وهذا الوضع المختل ولد غبن كبير بين أبناء الوطن, فالهوامش رافضة لهذه العقلية المستبدة والإقصائية, وبالتالي في نظري تعتبر اتفاقية جوبا إمتداد للكم الهائل من الاتفاقيات السابقة منذ إتفاقية 1975م بين النميري والانانيا (1) مروراً بكل الاتفاقيات اللاحقة والتي تنتهي بإستوزار,
لكن الأزمات تظل قائمة بالتالي هي ميته في أصلها وتأكيد ذلك ظهر من خلال مسار الشرق والعنف الشديد الذي يشهده إقليم دارفور بعد توقيع الإتفاقية وعجز الاطراف في إنزال نصوص الإتفاق على أرض الواقع بل صارت حبرا علي ورق ومواقف دستورية دون عمل تنفيذي.
• في الأيام الماضية وفي لقاء في منطقة أديكونق غرب دارفور قال والي غرب دارفور رئيس التحالف السوداني ورئيس حركة جيش تحرير السودان عضو الجبهة الثورية أنه (لو يدري أن توقيع إتفاقية سلام جوبا بهذا الشكل) لما وقع إتفاقاً مع الدولة؟… ما هو تفسيركم لحديثه هذا بإعتبار أنكم كنتم في تحالف واحد لكنكم إمتنعتم عن التفاوض والتوقيع؟
حديث الوالي خميس أبكر في الإتفاقية الآن أصبح لازم فائدة لأنه الآن يعتبر مكون من مكونات الحكومة وشريك أصيل فيها لأنه يدير ولاية من أكثر الولايات إلتهاباً في البلاد, لكن هل تعلم أن إتفاقية جوبا هذه لم تضمن ولاية غرب دارفور من ضمن مكونات إقليم دارفور, وهذا ليس سراً, والتحالف الذي يقوده الجنرال خميس أبكر لم يعلم بذلك إلا بعد ما وقع ممثلهم علي برتكولات الإتفاقية لأنهم تم إلحاقهم بالإتفاقية دون المشاركة في صياغة بنودها وهذا فخ كبير هم ذهبوا إليه بإرادتهم فحدث ما حدث!
• تمر البلاد بأحلك فتراتها بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م حيث تصاعدت الخلافات بين المكونين المدني والعسكري وإنتشرت ثقافة قتل المتظاهرين برأيك من حيث التحليل ما هي الأسباب التي تجعل من العسكريين التغول على سلطات المدنيين وخرق بنود الوثيقة الدستورية ومحاولة البحث عن حاضنة جديدة؟
الحاضنة السياسية قحت نفسها هي من فتحت شهية العسكر علي خرق الوثيقة الدستورية المعيبة أصلاً وتصعيد الحرب الإعلامية فيما بينهم ويرجع ذلك لضعفهم وخلافاتهم الدائمة لأنهم وضعوا مصالح أحزابهم فوق مصلحة الوطن والثورة. وهناك سؤال أو ليس من فاوض العسكر بليل وباع شعار الثوار الأوحد والمطالب بالمدنية هم نفس الوجوه التي ظلت تناطح العسكر في إعلام اليوم أو ليس الخط الجديد للحرية والتغيير هو إمتداد طبيعي لخلاف أديس أبابا بين التغيير ومكونات نداء السودان والتي هي بعض مكونات الجبهة الثورية الحالية.
نحن ضد تدخل العسكر في الشؤون السياسية لأن هذا ليس من واجباتهم وبعد عزل البشير أشرنا ببيان واضح للمعتصمين في القيادة وموجود في الأسافير بأن لا يساوموا العسكر ويدخلونهم في الشأن السياسي للدولة لأن ذلك سوف يمكن النظام البائد من العودة عبر بوابة الجيش من جديد.
• تداولت وسائل الإعلام في الفترة الماضية بياناً أصدره التحالف السوداني القومي ممهور بتوقيعكم حول العودة لإتفاقية “قلاني” وهي كما معلوم إتفاقية إنضمت بموجبها “دار أندوكة” أو سلطنة دار مساليت الى السودان بشكله الحالي, ما الدواعي والأسباب هل يئستم من سماع صوتكم بالمركز من قبل النخب الحاكمة وبالتالى يمكن أن نقول أنكم أطلقتم الدعوة للعودة الى منصة التأسيس الأولي وهي السلطنة المستقلة لدار مساليت؟

ليس هنالك يأس من سماع صوتنا بالمركز بل صوت دار أندوكه مسموع يومياً لدي المركز لأن القتل الممنهج ونزوح النازحين من مناطق النزوح والي داخل المؤسسات الحكومية بالولاية معروف للمركز وفشل الموسم الزراعي وكثير من المآسي.
بالتالي “إتفاقية قلاني” حق لأهلها والإستناد عليها وتفعيلها سوف تعالج الأزمة هناك وتختفي كل الظواهر السالبة الموجودة حالياً للأبد لأنها سوف تحل قضايا الأرض ولن يكون هناك مستوطنين جدد يستولون علي أرض الناس بقوة السلاح.
• لنفترض أن كل الطرق المؤدية للتفاوض للوصول لحل لإشكال إقليم دارفور عموماً والذي أتضح أن مجرد توقيع إتفاقية لن يجدي شيئاً ما هي خطوات التحالف وهل بإعتقادكم أن تحقيق المصير لدار أندوكة يمكن أن يفضي الى قيام دولة ثانية منفصلة عن السودان ثم تبدأ المعاناة مرة أخري بسبب عدم وجود مقومات الدولة والبني التحتية والهوية الوطنية وغيرها مما يؤدي الى صراع بداخلها؟
الهوية الوطنية موجودة ومتماسكة بصورة أكبر من اليوم عندما نازلت مكونات السلطنة المستعمر الفرنسي في كرندنق وبير طويل ودروتي لأنهم كانوا يشعرون بأن هناك دولة أو سلطنة هم جزء أصيل منها, أما بحسابات اليوم فإن الممارسات الإقصائية والممنهجة من حكومات السودان المتعاقبة كادت أن تعصف بهذا التماسك الفريد لمكونات السلطنة.
لذلك أصبح الكثيرين ينادون بتفعيل بنود “إتفاقية قلاني” وتقرير المصير ليس معناه تكوين دولة مستقلة بالمعني الحرفي بل هي خيارات ترجع لرأي الشعب, لكن أهم ما في الأمر ان هذه الإتفاقية بمجرد فتحها فإنها تضع الحل النموذجي لقضية الحواكير وللأبد وهي تعتبر المرتكز الرئيسي والضامن الوحيد لعودة النازحين واللاجئين أصحاب الأرض المنزوعة منهم بقوة السلاح.
• هل تفترض اليوم أن العالم أو الأمم المتحدة يمكنها أن تعترف بوجود إتفاقية “قلاني” والتي وقعت عام 1922 م وبموجبها تشكل واقع جديد قائم على إرث إستعماري أنتهي وأصبحت هنالك دولة إسمها السودان فكيف يمكن العودة لمنصة التأسيس الأولي بالرغم من متغيرات العالم على كافة الأصعدة؟
بالتأكيد هنالك متغيرات كثيرة وهذه المتغيرات لن تكون حاجز أمام عزيمة شعب يطالب بحقوق مستحقة, لأن السلطنة يمكن أن تكون الوحيدة في أفريقيا لم يدخلها أي من المستعمرين سواء بقوة السلاح أو بخيانة أحد مكوناتها كما حدث في الكثير من الممالك والسلطات بل السلطان بحر الدين أندوكه وبذكاء منه أبرم هذا الإتفاق وقبل أن يكون جزء من السودان الإنجليزي لأنه لم يقاتلهم وبالتالي الحقوق لا تمنح بل تؤخذ بالحجة والبرهان وبالنضال الطويل ونحن مستعدون للنضال من أجل ذلك إذا ما أصبحت مطلب ينادي به اصحاب المصلحة وضحيا الممارسات الحكومية غير العادلة.
دولة جنوب السودان أقنعت العالم بحق تقرير المصير خلال نضال أستمر أكثر من عقدين وهناك الكثير من النماذج بالتالي مثلما صنع الأجداد المؤسسين هذا المجد فالأبناء قادرون علي إعادة هذا المجد.

• أخيراً لنقراء في ملف السلام بكل تنقاضاته هل يمكن للتحالف أن ينضم للتسوية السلمية إذا طلب منه الجلوس للتفاوض؟
التفاوض هو من ضمن الوسائل المهمة للتحالف في تحقيق أهدافه وإنهاء معاناة الشعوب السودانية من الظلم والتهميش وكنا حضوراً في منبر جوبا لذلك الغرض لكنا رفضنا منهج المسارات والذي من أعظم تجلياته محنة شرق السودان والفشل في توفير الأمن في إقليم دارفور.
• ماهي مطالبكم الأساسية فى التسوية السلمية والتي لم تحققها لكم إتفاقية جوبا للسلام وما هو أصل الخلاف الذي أدي لعدم خوضكم مسار التفاوض الدارفوري بالرغم من كونكم أحد المدعويين لمنبر التفاوض عبر الوساطة؟

أولاً نحن لا نؤمن بالمسارات التي طرحتها الجبهة الثورية بل لدينا رؤية مغايرة عنها تحوي رؤيتنا للقضايا وتشخيص الأزمة السودانية وطرق تناولها للوصول لحلول مستدامة.
لكن ما حدث في جوبا هو عبارة عن وضع العربة أمام الحصان وبالتالي قسمت الكعكة قبل التفاوض وبعد ذلك وصلت الأطراف الي جوبا للمباركة لذلك لم يكن هناك تفاوض بل إحتفالات, وهنا تصادمت رؤيتنا مع الكعكة المقسمة أصلاً فوجدنا عدم رغبة من الأطراف تقبل رؤيتنا لذلك رفضنا وتمسكنا برؤيتنا.
• لقد طرحتم من قبل برنامج لرؤية تفاوضية شاملة ووقعت معكم عدة تنظيمات غير موقعة علي سلام جوبا هل طرح التحالف السوداني القومي الجديد والمستند علي “إتفاقية قلاني” يعتبر قفزة تكتيكية في المطالب أم تعزيز لإتفاقية دائمة؟
أبدأ ليست قفزة تكتيكية بل هي مطلب ظلت ينادي به مجتمع دار مساليت وخصوصاً الضحايا واصحاب المصلحة الحقيقيين وبما أن التحالف يستمد ويبني رؤيته للحلول خلال اللقاءات الدائمة مع القواعد لذلك هذا الطرح بعد إكمال دورته سيكون ضمن الرؤية التفاوضية الشاملة وليس هناك تعارض بل سيكون مكملا للرؤية الشاملة, كمثال لإتفاقية نيفاشا الذي أقرت للجنوب تقرير المصير والمشورة الشعبية للمنطقتين وبرتكول خاص لمنطقة أبيي المتنازع عليها.
• ما هي العلاقة بين ما طرحته الحركة الشعبية الحلو بحق تقرير المصير لإقليم جبال النوبة وطرحكم في التحالف السوداني القومي بإعتبار أنك أحد خريجي مدرسة الحركة الشعبية – النضالية – والجيش الشعبي لتحرير السودان؟

ليس هناك علاقة عضوية لأننا وإن كنا خريجي مدرسة السودان الجديد فهذا يكون إضافة في رصيدنا الفكري والنضالي, لكن هذا الطرح لم يأتي من العدم بل هناك إتفاقية حقيقية تسمي “إتفاقية قلاني” وكل إنسان في دار مساليت يعلم بذلك الحق.
• لماذا حجب في تاريخ السودان ذكر معارك المساليت في دروتي وكرندنق وبير طويل غيرهما من المعارك ؟

هذا السؤال يقودنا مباشرة للدخول في عمق الأزمة السودانية وقضية الهوية ويفسر السؤال المنطقي لماذا حرقت دار مساليت وهجر أهلها ولماذا مارس النظام البائد الإبادة الجماعية في إقليم دارفور وقبله جبال النوبة والنيل الأزرق ودولة جنوب السودان, ولماذا سمحت حكوماتنا السابقة بطمر أعظم حضارات الأرض تحت الماء في حلفا
• من أين تستمدون الشرعية لتبني بنود “إتفاقية قلاني” وهي قد مرت عليها أكثر من 110 عام من مائة عام حيث وقعت منذ العام 1910م ؟

نستمد الشرعية من روح الاتفاقية نفسها لأنها حق والحق واجب النفاذ بها ونتمسك بها لأننا ننفذ مطالب شعبنا والذي ظللنا علي تواصل دائم وحوار فيما بيننا ونحن حريصين عليها كحرص مطالب ثورة ديسمبر حرية سلام وعدالة.
وللعلم حتي الحركة الشعبية لتحرير السودان في إتفاقية نيفاشا كان قائدها الملهم دكتور جون قرنق تواصل مع الكثيرين من قيادات دار مساليت لمده بنصوص “قلاني” وكان يقول أن دار مساليت هي الرقعة الوحيدة في السودان وأفريقيا تقرير مصيرها مضمن بميثاق لا يمكن التنصل منه إذا أهلها طالبوا بذلك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.