هذه خاطرة كتيتها في اخر ساعة من ساعات يوم العاشر من ديسمبر ٢٠٢١ ، وبذا يكون قد مضى عام على إنهاء خدمتي بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون
عام مضى ليس ككل الاعوام
اليوم العاشر من ديسمبر بانقضائه ، ينقضي عام على انهاء خدمتي بالهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون ضمن تسعة وسبعين من كفاءات الهيئة ممن امضوا زهرة شبابهم وايامهم واعوامهم تفانيا واخلاصا ، مذيعين ومخرجين وفنيين وغيرها من مهن تدفع بعجلة العمل في الاذاعة والتلفزيون .
عام مضى لم يكن ككل الاعوام ، فجرثونة الحقد الاعمى ، اصابت كبد بعض ممن زاملناهم سنين عددا عملنا سويا سافرنا سويا اكلنا وشربنا سويا ، هم يعرفون من نحن ، يعرفون حبنا لهذا البلد وحبنا لمهنتنا ، يعرفون اننا في الاذاعة نعمل بحب ، نعم فالحب هو الطاقة التي نستمد منها قوتنا ، هكذا علمنا اساتذتنا ، بان احبوا عملكم واخلصوا فيه ، علمونا ان (لا لكل كلمة تسيء للوطن ) (لا لكل كلمة تدعو للفرقة والشقاق والاختلاف وتسيء لعلاقاتنا) ( لا لكل كلمة تسيء لعقيدتنا و لكل ما يمس امن البلاد ووحدتها واقتصادها) تلك هي العناوين الرئيسة لدروس الوطنية التي يتشربها كل من يعمل في الاذاعة .
عام مضى ليس ككل الاعوام
انتابني خلاله – وانا العاجز عن ادراك كنه حكمة الله في اقداره – انتابني حزن والم بسبب ظلم الزملاء ، الذي هو اشد على المرء من وقع الحسام المهند ، لكن سرعان ما تبدل الحزن فرحا والالم راحة ورضى ، فاختيار الله لنا خير من اختيارنا لانفسنا في كل الاحوال ، ان نظرنا كبشر قاصر على ادراك هذه الحقيقة .
عام مضى ليس ككل الأعوام
ايقنت ان قرار فصلي عن العمل ظالم جائر لانه يتعارض مع قوانين العمل محلية كانت ام دولية ، ولم يحمل القرار في ثناياه اسبابا للفصل ، ثم انني لم احاسب اداريا على تقصير في عمل او فساد في خلق .
عام مضى ليس ككل الاعوام
عرفت فيه ان من يكذب ليس جديرا ان يكون مديرا ، فالرائد لا يكذب اهله ، وان من يملي عليه اخرون اتخاذ قرار فيه ظلم بين ليس جديرا ان يكون مديرا ، وان من يخادع ويراوغ ليس جديرا ان يكون مديرا ، وان الجبان لا يصلح ان يكون مديرا ، وان المنافق لا يصلح ان يكون مديرا ، وان من لا يحترم من هو اكبر منه لا ينبغي ان يكون قائدا لمؤسسة. فعلى من يختارون المديرين ان يتقوا الله في اختيارهم.
عام مضى ليس ككل الاعوام
فلئن جارت الانقاذ بفصلها عددا من العاملين بالدولة في فترة حكمها البلاد ، هل تجور ثورة رفعت العدل شعارا لها ، والى متى تسير الخدمة المدنية باهواء الحكام والمسؤولين .
عام مضى ليس ككل الاعوام
تعلمت الا اندم على ما فات ، وان انظر لما هو آت . وان الظلم مرتعه وخيم . وان الفرج مع الصبر . وان الدعاء سلاح المؤمن . وان من توكل على الله كفاه .
مصطفى جابر تكروني
امدرمان ١٠ ديسمبر ٢٠٢١