بقلم : علي صالح
ركزت وسائل إعلام أوروبية صادرة هذا الإسبوع على الحديث عن دور لمرتزقة «فاغنر» الروس في الهجوم على الرئيس التشادي إدريس ديبي وإصابته برصاصة في الصدر قبل مقتله، كما ذهبت بعض وسائل الإعلام إلى حد التلميح مباشرة بوجود يد لفرنسا أيضا في الحادثة.
وساق موقع «موند أفريك»، شكوكا حول تورط «مرتزقة فاغنر» الموجودين في ليبيا في حادثة مقتل الرئيس التشادي، وعزز الموقع تساؤلاته بمضمون رسالة فريق الخبراء الأمميين المعني بليبيا المنشورة في مارس 2021 بأن المقاومة الوطنية لجبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد بقيادة مهدي علي محمد كانت حاضرة في جنوب ليبيا لحماية المنشآت النفطية.
وأضاف: «إلى جانب عمل المرتزقة السوريين المرتبطين بشرق ليبيا جنبًا إلى جنب مع المرتزقة الروس “فاغنر” يمكن الإشارة إلى ظل هؤلاء في مقتل إدريس ديبي ، إضافة لحركات التمرد التشادية الأخرى. لذلك يقول التقرير إن روسيا ترى من المناسب دعم قتلة هذا الشريك العسكري لفرنسا في وسط أفريقيا والساحل.
وتعزز هذه الرواية مجلة «جون أفريك» الفرنسية في عددها الصادر الإثنين، حيث استرجعت الساعات الأخيرة من وفاة إدريس ديبي وإصابته بعيار ناري اخترق الصدر ثم الكلية، متوصلة إلى نتيجة، من دون أن يكون الملاحظ طبيبًا أو متخصصًا في علم التشريح، مفادها أنه لاختراق رصاصة الصدر وإصابة الكلية (أسفل الظهر) يتعين أن تطلق على ارتفاع من طائرة.
وتؤكد المجلة أيضًا أن الطيران الفرنسي كان حاضرًا في مسرح العمليات، وهو ما أكده محمد مهدي علي ليلة مقتل ديبي للإذاعة الفرنسية قائلا: «حلق الطيران الفرنسي فوقنا، لديهم كل المعلومات، والتحركات، وطبيعة الأسلحة، وعدد الرجال، وعدد المركبات.
وحددت المجلة ملابسات وفاة الرئيس التشادي انطلاقا من تحاشي الجيشين التشادي والفرنسي الإشارة إلى المقاتلين الروس.
وتدور تساؤلات حول أصل إطلاق النار الذي كان مصدره جويا، وتقول المجلة: «إذا لم تكن متورطة عناصر علي مهدي التي لم يكن لديها وسائل جوية، ولا من عناصر فاغنر التي لم تكن كذلك هناك، فكيف يمكن أن يكون المارشال ديبي قد أصيب بجروح قاتلة أثناء تحركه في سيارة مصفحة؟ وهل نزل من سيارته ما يعني تعرضه للإصابة برصاصة في منطقة هادئة نسبيا خارج أي مواقع للقتال؟ أم أصيب في سيارته برصاصة خاصة قادرة على اختراق درع مركبته؟.
وتشير المجلة إلى امتلاك فرنسا قاعدة جوية في إنجامينا تحتضن مقر قوة برخان، التي تحشد قرابة 4000 جندي فرنسي للعمل في تشاد والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وخصوصا في مالي.
وكان إدريس ديبي قادرا أخيرا على إزعاج فرنسا وسط خشية البعض في باريس من ميل تشاد أكثر من اللازم نحو موسكو، بينما لروسيا موطئ قدم في جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا ودول أخرى في القارة.
ويلفت المصدر ذاته إلى ما سماه «انزعاج فرنسي» من التوسع الروسي في أفريقيا، «إذ من الواضح أن العلاقات بين تشاد وروسيا قد تحسنت قليلاً في السنوات الأخيرة على خلفية تقارب موسكو من السلطات التشادية.
في مارس 2018، ذهب وفد من رجال الأعمال الروس إلى إنجامينا، وأعلنوا عن استثمارات بقيمة 7.5 مليار يورو تتعلق بشكل خاص ببناء مطار دولي ومصفاة نفط ومحطة طاقة تعمل بالطاقة الشمسية وإعادة بناء نظام الإمداد بالطاقة.
أما في أكتوبر 2019 ، فذهب ديبي إلى القمة الروسية الأفريقية الأولى التي نُظمت في سوتشي وأعلن أن «دعم روسي حيوي لتعزيز الاستقرار الإقليمي». وفي نوفمبر 2020، بدأت تشاد وروسيا مناقشات حول اتفاقية تعاون قضائي من أجل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنويعها.
من ناحية أخرى أشارت تقارير عدة بأصابع الاتهام إلى مجموعة المرتزقة الروس “فاغنر” في خلق فوضى داخل هذه البلد الإفريقي، عبر دعم مجموعة التغيير والوفاق التشادية، ما يصب في مصلحة التنظيمات المتطرفة كداعش، حيث نشرت “بيلد الألمانية” تقريراً ، ألقت فيه الضوء عن تمادي المتمردين، بعد دعم مكثف من الفاغنرسواء بتوفير الأسلحة والعتاد، أو تدريبات عسكرية لتلك العناصر المتمردة.
وأشار التقرير الألماني أن السكان المحليين شاهدوا العناصر المتمردة يرتدون ملابس جديدة، ويتنقلون عبر مركبات جديدة، بما يؤكد حصولهم على دعم إضافي لأنشطتهم ضد الحكومة التشادية.
من جانبها أشارت صحيفة “التايمز” البريطانية في عددها الصادر الأحد إلى أن المعارضة في تشاد تدربت على يد المرتزقة الروس في ليبيا “فاغنر”، وقاتلت في صفوف اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، موضحة أن مقاتلي جبهة التغيير والوفاق، كانوا موظفين في شركة فاغنر، المرتبطة بالكرملين، التي يملكها رجل الإعمال الروسي المطلوب دولياً يفغيني بريغوجين ويعرف ايضا بطباخ بوتين، وهو مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وذكرت “التايمز” أن شركة فاغنر عززت وجودها في جنوب ليبيا خلال العام الماضي، بعد دعمها حفتر وقواته، في أثناء إطلاقهم عملية هجومية للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، منوهة إلى أن معارضة تشاد ترتبط بعلاقة مع فاغنر، التي ساعدتها في الهروب إلى ليبيا، والتمركز عند الحدود المشتركة مع تشاد.
وشددت الصحيفة على أن مطلبها لم يكن الحصول على مال، بل المعدات العسكرية التي يمكن امتلاكها خلال العمل مع حفتر والمرتزقة الروس، مبينة أن “حفتر قدم لهم عربات عسكرية وصلته من الإمارات”.
وتابعت: “يعتقد المسؤولون أن فاغنر وفرت التدريب لهم في قاعدتين جنوب ووسط ليبيا، وربما قدمت لهم معدات خاصة بهم”، موضحة أن “متمردي تشاد اجتازوا حدود بلادهم في أبريل، لمواجهة القوات الحكومية، في عملية كان محكوما عليها بالفشل”. واستدركت: “في أقل من أسبوع، مات ديبي بعد فوزه بفترة رئاسية سادسة بعملية انتخابية، قاطعتها المعارضة، وتميزت بالعنف واتهامات التزوير”.
وبحسب تقارير الامم المتحدة يوجد المئات من مرتزقة فاغنر الروس في ليبيا، و التي قدرت أعدادهم بـ800 -1000 عنصر، ويدعمون القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر في معاركها ضد الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.