حالي يحى يبكي السفير عبد الرحمن سر الختم من أديس أبابا

   إثيوبيا تبكيك أيها الرجل العظيم .. وكفي بالموت واعظا ،،، انا لله وانا اليه راجعون

الجنرال السفير  عبد الرحمن سر الختم “رحمه الله”
(مدرسة) ملؤها قيم لا تحصي وتاريخ لا ينسي ،،،

كثيرون هم أكثر دراية مني بقيم الراحل التي لا تحصي ولا تعد في جمل او كلمات، يصعب الحديث عنه ولو اورده حالي من باب الإنصاف بمن رحلوا عن دنيانا، وتذكيرا بمناقب ومحاسن من مضوا باجسادهم وبقيت آثارهم شاهدة على تاريخ “الزمن الجميل” بكل ما تحمل من معني، وارواحههم لنا هادية لزمن جميل آخر نتوق اليه ، كيف لا وقد كنت أكثر حظا لاتعرف عليه عن قرب حينما كان الراحل مترأسا البعثة الدبلوماسية في اديس ابابا، وكنت حينها اعمل مساعدا للملحق الإعلامي بالبعثة استاذي الجليل في اذاعة امدرمان الاعلامي المخضرم عمر عبد المنعم متعه الله بالصحة والعافية.

حينما كان يطل علينا الراحل صباحا تجده هاشا باشا هكذا كانت طبيعته، مشيته الهادئة تدل علي تركيبته النفسية المتصالحة تنثر عافية الروح بين الناس، وهندامه الجميل متناسق الالوان يعكس صورته البهية، ودون ان تبحث عن دواخله يكفيك مظهره لتتعرف علي عنوان كبير لرجل عظيم في زمنه ، تبقي سيرته شاهدة علي الكثير من مراحل حياته السياسية والدبلوماسية والرياضية والاجتماعية والثقافية.

كانت شخصية السفير الراحل الجنرال سر الختم مهابة لكن طبيعته تختلف عن خلفيته العسكرية، يحرص علي النكات والقفشات أحيانا لكسر روتين وملل العمل ، هكذا كانت شخصيته وطبيعته تهابه من اول وهلة، وتحبه في ذات الوقت، خاصة حينما يتحدث إليك يختار الكلمات التي تناسب عقلك ويحرص علي بناء الثقة من خلال النقاش ، والأدلاء برائك مستفسرا أحيانا عن مسار العمل أو نتيجة تكليف ما، كان الناس كلهم (البعثة والجالية) سواسية عند الجنرال عبد الرحمن سر الختم ما كان يفرق بين موظفيه سودانيا كان ام اثيوبيا. محليا ام خارجيا كلهم متساوون في الحقوق والواجبات هكذا عرفته، ،، ما يهمه الإتقان والتفاني في العمل ، لذا كان يشعر بالثقة فيمن اوكل عليهم المهمات، تميز الراحل بكاريزما قيادية فذة ، كنت أشعر حينها بالفخر حينما أجلس بجانبه تأدبا والاستماع إليه ضمن شباب آخرين، كنت علي يقين أنني في مدرسة متفردة عنوانها ( كلنا سواء في عزة السودان) يقودها جنرال دبلوماسي خبير بتعقيدات المنطقة، ملم جيدا بتفاصيل التركيبة النفسية لأبناء القرن الإفريقي، يجيد كل فنون التفاوض واللغات،،،، (مستوي حماسنا للعمل الصحفي حينها وتنظيم المؤتمرات الصحفية للراحل القائد كانت لا تحدها حدود ،،،، )

لماذا كان الحماس عاليا في فترته..؟ ، باختصار شديد لأن عبد الرحمن سر الختم غرس فينا الهمة والجدية وقيم الاحترام المتبادل ،، وقتل مهالك العنصرية والجهوية والتكبر وكل امراض الحسد والنكد والانانية بل وقطع اسباب استفحالها في قلوب الناس، وابدلها بقيم التواصل بالحسني.
هكذا كان الرجل العظيم الهميم ولصفاته تنافسنا علي حبه ، حب الرجل يشعرك بقيمتك الانسانية بين الآخرين ،ويعلو شأنك حينما يكون التنافس في العطاء شريفا ، والنجاح ينسب للجماعة لا الفرد. هكذا كنا وقتها.

الجنرال الفذ الرجل الحكيم جعل الناس يعوون أن الأفضل بيننا يكون بأخلاقه فقط ، لا بطوله أو عرضه ولا بكثرة ماله أو علو شأن وظيفته ، الكل سواء امام رب العمل حينها وهكذا هم غدا أمام رب السماء (الحمد لله علي كل حال )

رحمك الله أيها الرجل العظيم ،،، عرفنا قيمتك حينما رحلت عنا مرتين مرة إلي السودان ومرة الى عليين في جنات عرضها السموات والارض تستحقها بشهادة كل من كنت انت سببا في سعادته ولم شمله بين أبناء الجالية السودانية في إثيوبيا، واخرين ممن طالتهم يد الرحمة من بعد رحمة الله يعلمون معني الفقد الكبير حينما يكون الفقد هو القائد عبد الرحمن سر الختم.

الجنرال الراحل عبد الرحمن سر الختم ، استطيع ان أسميه وأطلق عليه حكيم عصره وفريد اجياله ، ما كان يضع للانتماءات الحزبية الضيقة او العرقية النتنة مكانة في ظل العمل العام ، كان عنوانا لسوداني خالص كبيرا في مقامه عالي الهمة نفخر به بلا اختلاف ونقدر الرجال بالعقل لا بالعاطفة أو بمنطق الانتماء للكيان أو المكان. هو صاحب القدرات العالية في مسائل التوفيق والتحكيم علي مختلف المستويات ،،، بالرغم من المطبات في مواقف مختلفة في مسيرتنا مع الراحل، كنت من القلائل الذين حرصوا علي التعلم من سنوات حياتي من مدرسته الجامعة، جعل مثواه الفردوس الاعلي.

الحديث يطول ويطول عن الراحل القامة صاحب الشجرة الظليلة التي جمعت كل أطياف الجالية السودانية بمختلف مشاربهم وفئاتهم، شجرة عبد الرحمن سر الختم كانت وريفة بشهادة كل من عاش تحتها واستظل بظلها أو مشي بجانبها استشعر راحة البال وعاش بالأمل والصبر رغم اختلاف مشاكل الحياة، الجميع كانوا ينعمون برعاية شجرة عبد الرحمن سر الختم لهم ورعايتهم لها، بروح عقل الجنرال وقلب الإنسان العابد للرحمن وسره في خاتمته ، كان ينبض بالعزة والكرم وقيم اخري ربما اندثرت تماما.

ربما ناس مدني والجزيرة اهلها يختلفون بالرغم من التصاهر الذي يجمع مدني بكل الناس إلا أن قادتها يصنعون الحب أينما كانوا ، لست متحيزا لكنني أكتب عن مناقب الراحل منصفا وأن لم اكن موفيا بحقه كما يجب،،،

اكتب واذكر نفسي بهادم اللذات “الموت ” وحياة الدنيا ساعات، اكتب متفائلا بغد مشرق وموقنا بأن عباد الرحمن يرحلون والرحمة لنا جميعا احياء كنا ام امواتا.
والعزة دوما لكل من تعلمنا منه النبل وطهارة النفس الموقنة بالاجال العارفة بقيم الحق والفضيلة.

اللهم ارحم عبدك الإنسان الفقير إليك واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء والابرار …

انا لله وانا اليه راجعون ،،،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.