للتحية و السلام، طلبتُ موعداً للقاء السفير الدبلوماسي المعتق نادر يوسف الطيب في مكتبه بمقر سفارتنا بأنقرة،لم أكن أتوقع سرعة تحديد الموعد، و ما إن تم إخطاري حتى بدأت تتشكّل في مخيلتي صورة للرجل الذي سبقته سيرته ، و تولّدت مجموعة من الأسئلة التي رغبت في طرحها عليه..
ذهبتُ في الموعد المضروب، يهديك إلى مبنى السفارة – إن تهت عنها – علمُ السودان يرفرف في شموخ، يزيد داخلك شعور الفخر و الاعتزاز، وجدتُ سفارتنا في كامل أناقتها….
في صالون الانتظار، تتجوّل عيناك و إحساسك وسط لوحات سودانية، من بينها صورة للقصر الجمهوري القديم تعيد إليك ذكريات مرورك بشارع النيل و احتفالات تبديل الحرس الجمهوري، و تلفت انتباهك منتجات سودانية معروضة: السمسم، التبلدي، السنمكة، و اللوبيا… تقابلها لوحة للفنان العالمي راشد دياب وُضعت عن يمين الداخل، لتشكل بانسجامها مع المكان لوحة كبرى يمكن لمن يتأملها أن يقرأ: “السودان… تاريخ و إنتاج و إنسان”…
في الطابق الثالث، استقبلتنا السكرتيرة الشابة بابتسامة سودانية خالصة، ثم أدخلتنا على السفير، رجل يصافحك بسلام سوداني أصيل لم تغيّره محطات عمله في كينيا و قطر و ماليزيا و تركيا و غيرها من المحطات .
باغتني بسؤال قبل الجلوس:– الخرطوم كيف؟
لم يكن سؤاله جهلاً بما يجري، فهو المتابع بحكم منصبه، لكنه كان يبحث عن شهادة أهلها القادمون منها . بدأ واضحاً حرصه على الإسهام في رحلة إعمار العاصمة، بوصفه جسراً بين عاصمتي دولتين تجمعهما علاقات تاريخية و أواصر أخاء…
تحدّث السفير عن الشعب التركي بوصفه شعباً وفياً للسودان، موضحاً أن اتصالات ومراسلات تجري هذه الأيام مع أفراد ومنظمات تركية تبدي رغبة ملحّة في دعم السودان، وتحديداً الخرطوم التي صمدت وصمد واليها الأستاذ أحمد عثمان حمزة، حتى أصبح محط إعجاب لوطنيته وتفانيه في خدمة الولاية ومواطنيها، فغدت الولاية آمنة مطمئنة جاذبة لعودة أهلها، و قد عادت بالفعل بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، و عدد من منظمات الأمم المتحدة، لمباشرة أعمالها من الخرطوم، معلنة عودتها إلى سابق عهدها.
أفرد السفير جانباً كبيراً من حديثه عن والي الخرطوم، وبشّر بأن وفوداً من المانحين و المتبرعين الأتراك ستصل خلال الأيام المقبلة لدعم و صيانة وبناء المساجد و المدارس و غيرها من المنشآت الخدمية، و هي خطوة تعكس الدور الذي يقوم به السفير نادر في تحويل مسار الدعم من الغذاء و الكساء إلى المساهمة في جهود إعادة الإعمار .
ولاحقاً علمتُ أنه في اللحظة نفسها تقريباً التي كنتُ أجلس فيها مع سفير السودان بتركيا، كان السفير التركي بالسودان فاتح يلدز، برفقة نائبه و الملحق التجاري، في زيارة إلى منطقة البحر الأحمر الحرة، للوقوف على فرص الاستثمار و التجارة أمام الشركات و المستثمرين الأتراك، و هنا تبرز الحاجة المُلِحّة لتكامل جهود الجهات ذات الصلة – و بأعجل ما يمكن – لتقديم كل التسهيلات و الاستفادة من هذه الفرصة التي تُقدَّم إلى السودان بمحبة وصدق…..
شكراً للسكرتارية بالسفارة مي عجيمي و إيناس ابوزيد ، و شكراً للأنيق عربي الحسن سفير الدبلوماسية الشعبية، و التحية للسيد الفريق عمر نمر، رجل المبادرات العابرة للحدود، نردد خلفه بصوت عالٍ: شكراً تركيا… شكراً أردوغان ..
في قادم الأيام، نكتب عن سفيرنا بطوكيو الريح حيدوب و مجهوداته في إعمار الخرطوم .