ما تلبث أن تهل بدايات فصل الخريف و يبدأ موسم هطول الأمطار و هو أمر طبيعي و حدث يصادف شهوراً معروفة و معينة كل عام ، مما يتعين على جهات الإختصاص التدبر وإستصحاب الحيطة والحذر ، إلا ان عبارة (الخريف قد فاجأنا) هي الشماعة المعهودة وعندها تبدأ المخاوف والهواجس لا خصوصاً في الأماكن القريبة من النيل، فالهشاشة و البنى التحتية الضعيفة تحيل هذا الفصل الجميل من نعمه ، يجب أن نشكر الله عليها و تكون نعمه تقود البلاد نحو النماء و التطور ، إلى نقمة فتبدا مخاوف الخريف التى لا تنتهى بداية من موسم هطول الأمطار الى نهايته، وشهدنا في العالم الفائت فصلاً كارثياً، بكل المعايير، فالسيول الجارفة قد أغرقت عدداً كبيراً من القرى وشردت الكثير من الأسر، فشكلت مهدداً حقيقياً في هذه الفترة من العام وتوقعت هيئة الإرصاد الجوية هطول معدل أعلى من الأمطار خلال الأسابيع القادمة، ما يتطلب جهوداً حقيقية لحل الازمة وتدارك مخاطرها المحدقة على الناس، ويتطلب التقليل من هذه الكوارث تكاتفاً شعبياً هائلاً وإستعداداً مبكراً لهذا الحدث وإدراك خطورة الأخفاق في إدارة هذه الأزمة ، و رأينا كيف شهدت ولاية نهر النيل فيضانات هائلة وخسائر بلغت في جملتها ما يفوق 2500 منزل متضرر جزئيا”، فيما بلغت جملة المنازل المتضررة كليا” 500 منزل، وكذا الحال عندما ضربت السيول و الفيضانات قرى الجزيرة و المناقل و بلغت الأضرار نسباً عالية وقدر المجلس القومى للدفاع المدني نسبة الوفيات من بداية يوليو ب 79 قتيلاً بسبب السيول و الأمطار ،و لا تقتصر الأضرار على النواحي المادية فقط بل تعدتها للمشكلات الصحية بإنتشار واسع للذباب و الباعوض و الحشرات والإسهالات المائية والملاريا و إنتشار المياه الراكدة على مستوى العاصمة والولايات ما يفاقم من حدة الأزمة ويصعب الحركة والسبب سوء التصريف، و تعانى العاصمة الأمرين في هذه الفترة من كل عام وقدرت بعض المصادر أن جملة التغيب عن العمل بلغت في إحدى الأعوام نسبة 50 % ما يحتم علينا ضرورة الإهتمام بالبنى التحتية والتخطيط الإستراتيجي الفعال، وضرورة إسهامات الخبراء والمهندسين و تدخلهم للتقليل من كم الأزمات التى باتت تعانى منها البلاد من جراء تساقط الأمطار بل و الإستفادة من هذه المياه و ضرورة التطوير والإبتكار الخلاق للإستفادة من هذه المياة في الزراعة عن طريق مشروعات حصاد المياه بشكل واسع وجنى ثمارها عملة صعبة تسهم في دفع الإقتصاد الوطنى للأمام .
و للشباب دور لا يستهان به و شهدنا في الأعوام الماضية كيف أسهمت الجمعيات الخيرية في الإنقاذ و الإغاثة للأسر بعمل المخيمات و العلاج و ساهم ذلك في إستدراك حده الأزمة الصعبة ، و كسودانيين لطالما إمتلكنا و منذ القدم عادات جميلة منها إغاثة الملهوف و التكاتف و التعاون و التعاضد ، و نحن اليوم نطالب و بشده عودة النفير و على مستوى قومى و منظم ، هبه للوطن و إعماراً و تطويراً و مساعدة للأسر المنكوبة و ضحايا السيول و هو أمر لا يستهان به في هذه الفترة التى تحتاج للتعامل بروح إنسانية واحدة لمساعده أهلنا في القرى و الولايات و لا ننسى عظم المساعده و لو بالقليل و القيام ببعض المهام البسيطه من الردم و حفر الخيران و النظافة للشوارع و ردم المياه الراكده على مستوى الأحياء و هو جهد بسيط بعائد كبير في المحافظة على البيئة و الصحة ، و ما نحتاجه هو العون الذاتى و التكاتف مع بعضنا البعض من خلال المبادرات الشابة و الخلاقة لتمر علينا هذه الفترة بأقل الخسائر الممكنه لنحيل فصل الخريف إلى نعمه كما أردها الله لنا فقط بمجهوداتنا و تطويرنا الذاتى ،، حفظ الله السودان و أدام خير هذه البلاد علينا ..