نفرة نهضة ولاية الجزيرة تبدأ الآن … رصف الطرق الزراعية ثم إستقلال المشروع

كتب : حسن علي عباس
وقد بلغت الجزيرة من الإهمال ( مع سبق الاصرار والترصد ) لأكثر من ثلاثين عاما وصلت له الى حال يغنى عن السؤال ، والجزيرة وما ادراك ما الجزيرة التى كانت فى وقت قبل الثلاثة عقود السالفة العمود الفقرى للاقتصاد الوطنى بذهبها الابيض ، ( وضراع اهلها اللخدر) ، وبيوتها المفتوحات ، وحبها الحصيد ، وجناتها المعروشات ، اما وان تغير حال المزارع فى مشروع الجزيرة بهيئته الراهنة يكابد ( ويجابد ) لتوفير القوت لاهل بيته ، بعد ان سدت أمامه الطرق لبيع محصوله من القمح والاسباب معروفة .
اما بعد . . .
العنوان الاكبر الآن لهذه النهضة ما تم إعلانه امس الاول عبر ربان مشروع الجزيرة الدكتور عمر مرزوق بتدشين الطرق الزراعية بمشروع الجزيرة بطول 420 كيلو متراً بميزانية بلغت 146 ترليون جنيه ، إذن من هنا تبدأ الحياة لتدب من جديد في جسد مشروع الجزيرة والصوت الذى يجب ان يعلو بعد ان ادرك الكل خاصة اهل الجزيرة ، ان ما يظهر هنا وهناك من محاولات ومناورات لقتل المشروع بصور مباشرة وغير مباشرة سوى كانت عن طريق سن القوانين المفخخة او تغيير التبعية ولعل أبرز تلك المناورات هي ما طرحه السيد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل ابراهيم قبل فترة هو تحويل المشروع الى هيئة زراعية ويعلم أهل الجزيرة ماذا يعني تحويل المشروع الى هيئة …عموما الفكرة لم ولن تنطلي على أهل الجزيرة وماتت في مهدها غير مبكي عليها سيما وأن مزارعي مشروع الجزيرة لم يعودوا أولئك البسطاء من أهلنا وجدودنا وآبائنا بل أصبحوا من المؤهلين علميا ومهنيا من الزراعيين والأطباء والمحاسبين والقانونيين والمعلمين … الخ هؤلاء الآن يتواجدون في الغيط فيخلعون ثوب الافندية ويغرسون أجسادهم في الطين بين ( أبو عشرين وأبو ستة والترعة ) لري إرثهم فهؤلاء لا مجال لخداعهم واستغلالهم … من هنا أجدد دعوة كنت قد أطلقتها في العام 2015 م وهآنذا أجددها مرة أخرى في العام 2023 م انه آن الاوان ان ترفع حكومة السودان يدها عن مشروع الجزيرة وتقوم بتسليمه الى اهل الوجعة بحالته الراهنة ليصبح بذلك مشروعاً ولائياً لا قومياً تعود ملكيته برمته وعلاته لاهل وحكومة الجزيرة ، فهم الاقدر على ادارته وعلاج جراحه ، وهم الاعرف بمواضع الالم فى جسمه ، بحيث تكون المرجعية الاولى فيه ورأس الهرم هو والى أو حاكم الجزيرة ثم بعد ذلك يتسلسل الهيكل الادارى للمشروع بدءأ من رئيس مجلس الادارة والمدير العام اللذان يعينهما حاكم الجزيرة ثم تأتى بقية الهرم ، فالجزيرة مثلما ( كانت ) تعطى من رحمها لوزات قطن وسنابل فان رحمها لم ولن يبخل ايضاً بالخبراء من مهندسين زراعيين ، واداريين ، ومهندسي رى ، وماليين ، واطباء بيطريين ، وخبراء فى التربة ، وخبراء فى مكافحة الآفات ، وخبراء تقانة زراعية . . . الخ ، وكلهم يمتلكون الامكانيات والمقدرات الادارية وسيضعون المشروع فى احداق عيونهم وسيرسون به الى بر الامان ان شاء الله ، ولن يبخلوا على اهلهم فى ربوع السودان المختلفة بخيرهم ، كيف لا وهم اهل كرم وجود ، حتى الخرطوم سيكون لها النصيب الاوفر من الخير لان ( الجار اولى بالشفعة ) .
هذا هو الحل الوحيد الناجع لعودة مشروع الجزيرة الى سيرته الاولى التى فشلت فى تحقيقها كل الخطط والقوانين المفخخة والمعالجات الموضعية ، وبهذا الحل ينال اهل الجزيرة كل مقاصدهم ويبلغون به غاياتهم المنشودة ، ويكون به اول لبنة نجاح لمشروع النهضة الذي بدأ بحسب ما أرى قبل أيام بتدشين الطرق الزراعية والتي سيعقبها مشروعات أخر بالولاية ان شاء الله . فالجزيرة مؤهلة لأن تصبح ( قطر ) افريقيا بلا منازع ، الا اذا كرهوا لها ذلك
بتدشين الطرق الزراعية يجب ان يكون ضربة البداية لعمل حقيفي ومستمر ونافذة أمل لاهل الجزيرة بعد ظلم لحق بهم لسنوات طوال ، والنار التى يأنسوها علهم يجدون عندها القبس والهدى والمخرج من الوضع الحالى ، فيجب أن تمتد يد التعمير والإصلاح سريعا الى البنى التحتية الاخرى والتعليم والصحة والخدمات الاخرى ، برنامج التنمية والإصلاح جاء بعد ان ضاق أهل الجزيرة ذرعا بأوضاع ولايتهم وحالهم ، وفى الوقت الذى تتوفر فيه بالجزيرة كل مقومات وموارد الانتاج من قوى بشرية واراضى خصبة ممتدة ظلت تعانى لسنوات من رداءة الطرق وضعف فى البنيات التحتية وغيرها من المعوقات ناهيك عن الانقطاع التام فى فصل الخريف لدى العديد من مناطق وربوع الجزيرة والذى يصحبه تلقائياً عدم الوصول او قل الصعوبة الشديدة فى الوصول الى الاسواق لتسويق الانتاج او المستشفى للعلاج او الى المدرسة للتحصيل أو . .أو . . أو . . وقس على ذلك ، ولكن ان تأتي متأخرا خيرا من الا تأتي .
دعوتي لاستقلال مشروع الجزيرة بتحويله من مشروع قومي الى مشروع ولائي ملك لأهل الجزيرة فقط لم تأت من فراغ بل جاءت على خلفية ان اهل الجزيرة كانوا من اكثر الصامدين والصابرين على الظلم فضلاً عن انهم اكثر واكبر المكلومين فى مشروعهم وفى انسانهم وفى قواهم الانتاجية وفى نصيبهم من السلطة والثروة وفى . . . وفى . . . وفى . . . الا انهم رغم ذلك لم ينفثوا ببنت شفه ولم تعلوا اصواتهم مثلما علت اصوات اهل الجنوب قبل الانفصال ، واصوات اهل الشرق ، واصوات اهل دارفور التى لم تخبو بعد ، فهذه ليست دعوة لان يفعل اهل الجزيرة مثلما فعل اهلهم فى دارفور وفى الشرق وفى الجنوب لان البلد لا تنقصها الجراح ، لكن ذلك فقط من باب ( فش الغبينة ) .
الظلم الذى حاق بالجزيرة كان نتاجه ظاهرة غير معهودة فى اهلها وهى ظاهرة الهجرة الى ( كرش الفيل ) بعد ان كانوا اصحاب املاك من حواشات وغيطان وماشية وغيرها من الخيرات ، والان اصبحوا من مرتادى المهن الهامشية بعد ان كانت الجزيرة واهلها من اكثر بقاع السودان استقراراً وانتاجاً واعتماداً على الذات ، فالان بدأ اهل الجزيرة يهاجرون زرافات ووحدانا الى الخرطوم بعد ان اصبح المشروع غير ذى جدوى ، فقد سنحت الفرصة لأن يعود الابن الضال الى اهله فى سلام ، وان تعلو رايات استقلال مشروع الجزيرة ، يجب ان يكون هذا هو الصوت والمطلب الذى ينادى به اهل الجزيرة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.