علف البونيكام هل يمكن أن يكون الذهب الأخضر

بقلم : علي أحمد ابوسالمة

قرأت تقرير أرسلته المهندسة فاطمة الطيب (منافع البركة) لورشة أقيمت في منتصف العام الماضي 2021 بوزارة الثروة الحيوانية الاتحادية ومقر إتحاد أصحاب العمل عن (علف البونيكام) هذا المنتج الثري بالفوائد المتعددة والذي أثبت نجاحه في العديد من الدول ، ومدى إمكانية توظيفه اقتصاديا ليساهم في حل المشاكل والمعوقات التي تواجه قطاع الألبان في السودان ، لاسيما تضرر هذا القطاع البالغ من جراء إرتفاع أسعار الأعلاف الناتجة من وجود فجوة علفية كبيرة في الاعلاف التقليدي علي مستوى الخرطوم والولايات ، أدت إلي تراجع كبير في إنتاج الألبان الذي كان جزء من أسبابه توقف العديد من مزارع الألبان ، واتجاه بعض أصحاب مزارع الألبان الي بيع أبقارهم لمنتجي اللحوم (مجازر) ، مما أثر تاثيرا مباشرا علي العرض والطلب بصورة كبيرة ، مما ساهم في زيادة إستيراد الألبان ومنتجاتها لسد العجز في المنتج وخصوصا ألبان الاطفال المصنعة.
في اعتقادي ليس غريبا في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية المتردية خلال الأعوام الثلاثة الماضية شاهدنا ارتفاع في سعر الحليب بنسبة وصلت الي 300% ، وهذا بلا شك يناقض واقع ما يمتلكه السودان من ثروة حيوانية هائلة يفوق تعدادها 120 مليون راس من الماشية ، منها 45 مليون راس من الأبقار ، ناهيك عن المساحات الغابية والمناطق الصالحة للرعي ، والتي تشكل واقع 52 مليون فدان ، وليس وحسب بل ما يفوق ال 400 مليار متر مكعبٍ معدل هطول الأمطار سنوياً وللاسف غير مستغلة.
ولكن إهمال المراعي والغابات والتعدي عليها دون رقابة من الدولة تجاه المزارعين (المراعي) والرعاة (الغابات) ، وتنفيذ القوانين الرادعة ، فتح الباب أمام موجات الحر والجفاف والتصحر المتواصل وفقد مساحات كبيرة من الغطاء النباتي والشجري بمناطق شمال كردفان ودارفور ، وهذا بالتالي أجج الصراع بين المزارعين والرعاة حول المناطق التي تتواجد فيها المراعي الغنية بالموارد الطبيعية والمياه.
لذلك علي الدولة والمتمثلة في وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية من خلال الادارة العامة للمراعي والعلف، الاتجاه الي تشجيع الاستثمار وتسهيل الإجراءات لإدخال مثل هذه الأنواع الجديدة من النباتات الرعوية علها تساعد في دعم وتحسين المناطق الرعوية ، والتي يمكنها أن تحول قطاع إنتاج الألبان وقطاع اللحوم الي مرحلة الاكتفاء الذاتي ومنها الي الصادر .
علف البونيكام يعد من أفضل الأعلاف الخضراء، لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين تصل من 16 الي 24% ، وتقدر إنتاجية الفدان الواحد بحسب ما ذكر في التقرير من 10 إلى 12 طن في الحشة الواحدة ، ويمكنه التأقلم مع التغيرات المناخية ، أضافة الي تحمله ملوحة التربة وظروف الجفاف ، كما أن نسبة احتياجاته المائية منخفضة مقارنة بمختلف الأنواع الأخرى من الأعلاف ، ويعتبر من النباتات المعمرة وباستطاعته أن يستمر في الأرض من 8 الى 10 سنوات ، ويمتاز بسرعة النمو، وغزارة الإنتاج فضلاً عن كونه نبات مقاوم للآفات ولا يحتاج لعمليات الرش بالمبيدات مما يجعله صحي وآمن ، وهذا يجعله البديل الأفضل لمربي المواشي والخيل والإبل في الاعتماد عليه كغذاء أساسي ،
أن مثل هذه المشاريع الحيوية كفيلة بأن تساهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية المترتبة على زراعة الأعلاف بالطرق التقليدية وتأثيرها على مشاريع الثروة الحيوانية ، ويعد كلفة المدخلات في هذه العملية الإنتاجية مناسبة ، ويمكن أن يتم توطن زراعته في المسارات والمراحيل بهدف توفير مراعي طبيعية تسهم في نمو الإقتصاد الزراعي والحيواني ، وهو المسؤول الأول عن تحقيق استدامة خصوبة الأراضي الزراعية ، كما أنه يعمل عل تحسين الخواص الطبيعية والكيماوية للتربة، ويعتبر من أفضل المحاصيل النجيلية التي تساعد في تحقيق نظام تعاقب زراعي مُستدام يسهم في سد الفجوة العلفية في كل ولايات السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.