تفاجأ السودانيين بزيادة تعرفة الكهرباء وغيرها من السلع زيادة مريعة دون أن تجيزه الموازنة العامة للعام 2022 – 2023م، وبعد أن تبرأت منها وزارة المالية نهاية العام المنصرم هي ورفع الدعم عن الدقيق، الأمر الذي شكل ضغطا على المواطن المسحوق بنار التضخم وغلو الأسعار ووسع رقعة الفقر، ولغياب الحكومة والسلطة التشريعية تباينت رؤى الخبراء والمصابين حول دستورية الزيادة ومشروعيتها، واختراقها للموازنة التي لم تجاز حتى الآن، احتياجات واسعة رفضا لزيادة سعر الكهرباء مما أدى إلى إغلاق طريق شريان الشمال القومي لما يزيد عن الثلاثة أيام أجبرت المجلس السيادي على إلغاء زيادة الكهرباء لحين نظر المجلس فيها.
الخرطوم – سارة إبراهيم
تباين رؤى
فيما انتقد وزير الطاقة الأسبق وقال كان يجب اتخاذ قرارات غير زيادة التعرفة. وأضاف إبراهيم في تصريحات صحفية له، هذه مفاجأة سيئة التوقيت، وتساءل “البلد حكومة ما فيها كيف تتخذ مثل هذه القرارات وفي مثل هذا الوقت؟” وصفت وكيل التجارة آمال صالح، الأمر بالطبيعي، وأقرّت وزارة التجارة والتموين بوجود زيادة جديدة في أسعار السلع، وعزت ذلك لزيادة تعرفة الكهرباء.
وقالت آمال إنّ وزارتها في انتظار إجازة موازنة العام 2022م لمعرفة حجم زيادة تعريفة الكهرباء للقطاعات المنتجة بناءً على ذلك سيتمّ وضع آلية جديدة لتحديد سعر تأشيري لـ”قائمة” 10 سلع أساسية.
قرار جرئي
يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير، تم اتخاذ إجراءات خاصة بالكهرباء ولم تكن الكهرباء وحدها معها الخبز أيضا الذي أصبح هناك انسحاب كبير جدا من قبل المخابز التي تعمل بالخبز المدعوم لتحول إلى الخبز التجاري، ولا يوجد من يسأل مسوؤل أو جهة حكومة أو سلطة في البلاد وكأن الحكومة تريد أن تنفذ هذه السياسة سرا دون أن تعلن أو دون أن تواجه المواطن، فبالتالي افسحت المجال للمخابز لأن تتحول لخبز تجاري يفوق طاقة المواطن في أن يتلقى الخبز المناسب لأسرته لعدم وجود القوة الشرائية، ويضيف الناير، أن الكهرباء زادت بطريقة غير مسبوقة وبصورة كبيرة رغم أن البلاد بلا حكومة وبلا موازنة، وهي المرة الأولى في تاريخ السودان يدخل فيها عام جديد ولم تجاز موازنة وليس هناك حكومة في ظل فراغ دستوري كبير، وفي ظل هذا الفراغ يتم اتخاذ قرار جريئ وصعب جدا تجاه المواطن، ويضيف الناير في حديثه ل”سودانية نيوز” كان يفترض أن يخضع القرار للاجراءات العادية وأن يجاز من السلطة التشريعية والتنفيذية مع موازنة العام الجديد وفي ظل غياب المجلس التشريع، أصبح كل شيء ممكن حتى إجازة مثل هذا الأمر من المجلس التشريعي إذا تم تكوينه ومجلسي السيادة والوزراء أصبح شيء ممكن في ظل غياب المجلس التشريعي، واعتبرها أحد تعقيدات المشهد في الفترة الانتقالية وعجز حكومة الفترة الإنتقالية بنسختها الأولى والثانية أن تتم تكملة هياكل السلطة، ويبدوا أن الأمر كان عن قصد لكي تغيب السلطة التشريعية رغم أنها ستكون سلطة معينة لن يكون لديها فاعلية السلطة المنتخبة ومع ذلك سيكون لها تأثير يمكن أن تعترض وتساند المواطن السوداني وأن تقف بجانبه وأن تلغي كل القرارات التي تشكل ضغط على المواطن ولكن واضح أن غياب السلطة التشريعية تم عن قصد حتى يتم تمرير الكثير جدا من السياسات والإجراءات التي يصعب أن تمر في ظل وجود سلطة تشريعية فاعلة في البلاد، عموما ما يلي الدولة فقد فعلته دون موازنة وما يلى المواطن من تعديل معدل الأجور لم تفعله بعد وهذه هي التباين في المعايير بصورة كبيرة ومن باب أولى إذا الدولة اجازت هذه القرارات التي تحقق لها عائدات وترهق كاهل المواطن دون أن يمر بالسلطات التشريعية والتنفيذية ودون أن تجاز الموازنة كان يفترض أن يكون هناك قرار آخر بتعديل المرتبات العاملين بالقطاع العام بصورة اعتقد أنه تحدي كبير لن يجدي تعديل المرتبات (50%) أو غيره من نسبة لكن اعتقد نسب عالية جدا قد تصل إلى (500%) كحد أدنى وهي مشكلة حقيقية إضافة إلى أن حتى لو تم تعديل الأجور في القطاع العام، فالذين يعملون بالقطاع العام هم نسبة ضئيلة لا تعادل (10%) من الشعب السوداني هناك 90% لا علاقة لهم بالقطاع العام، كما هناك نسبة معدلة للفقر تتراوح بين ال (60 – 80%) معدل البطالة فوق ال (40%) ومعدل تضخم أكثر من (330%) وفي ظل كل هذه التعقيدات الحكومة تمضي في تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي كما هي بالكامل دون إجراء اي نوع من المعالجات اجتماعية للشرائح الضعيفة والفقيرة وهذا يمكن أن يؤدي إلى خلل كبير في هذا الإتجاه.
وأضاف الناير، أن من اتخذ قرار زيادة الكهرباء يجهل تماما أثر القرار على القطاعات الإنتاجية التي تعاني من إرتفاع تكلفة الإنتاج بصورة كبيرة ويزيد الموقف صعوبة ويؤدي إلى تدمير القطاعات الانتاجية بالبلاد، سواء كان قطاع صناعي الذي يعتمد على القوة الحركة كشئ رئيسي أو القطاع الزراعي الذي يعتمد على القوة المحركة في بعض المواقع الزراعية أو غيرها من القطاعات الخدمية التي تعتمد على الطاقة الكهربية بصورة أساسية من اتخذ هذا القرار لا يعلم مدى الأثر السالب الذي يمكن أن يصبه للاقتصاد السوداني والمواطن القطاعات الإنتاجية وغيره من الأشياء.
فاقدة السند
وصفها الخبير الاقتصادي د. عصام على حسين، بفاقدة السند القانوني، ويضيف ما بين نفي ونكران وزارتي الطاقة والمالية تفاجأ المواطنين بزيادة في أسعار الكهرباء تجاوزت ال (200%)وجاءت هذه الزيادة قبل إجازة ميزانية العام 2022م، وبالتالي تصبح الزيادة وبهذه الطريقة وهي تؤشر المضي قدما في سياسية صندوق النقد الدولي خاصة سياسة التحرير التي لم يجني منها شعب السودان سوي مزيدا من الفقر الإرهاق المادي وضنك العيش.
أن زيادة أسعار الكهرباء بهذا الشكل المفاجئ والصادم للشعب السوداني يتناقض مع ما صرح به رئيس الوزراء المستقيل بأن رفع الدعم لا يشمل كل السلع ويعد واحد من آليات تحطيم الانتاج بزيادة كلفته وبالتالي تحطيم الاقتصاد الوطني وبالتالي يجب إعادة النظر في هذه الزيادات لأنها لا تعبر عن تطلعات شعب السودان وأهداف ثورته المجيدة في العيش الحر الكريم.
ويرى الخبير الاقتصادي د. ناجي مصطفى، أن ما قامت به الحكومة الإنتقالية في الاقتصاد السوداني مؤسف جدا، وتعد خطأ في النظام الاقتصادي والقانوني، ويجد أن ما حدث الآن هو عمل عشوائي وغير قانوني، الزيادة في الرسوم زيادة باطلة بموجب الدستور، لأن الدستور يمنع أن يباغت المواطن باي أعباء إضافية دون أن ينص عليها القانون وهو قانون الموازنة، وتلك الزيادة عشوائية على عدم وجود تخطيط اقتصادي في البلد ولا تقديرات صحيحة ولا إحترام لسيادة القانون ولا توجد دولة مؤسسات الآن لا يوجد قانون و اي مؤسسة تعالج مشكلاتها على حساب المواطن وتزيد التكلفة كما تشاء وبالتالي هو فشل اقتصادي ونحن الآن على مشارف دولة فاشلة اقتصاديا، اي مؤسسة تحل مشاكلها على حساب المواطن بدون رؤية استراتيجية موحدة بدون وجود قرار موحد، وغياب الموازنة يعد خلل قانوني كبير والله اقتصادي.
ويضيف مصطفى، خلال عام 2021م المنصرم إجازة الميزانية المشوهة لأنها لم تتم وفق الإجراءات وأجيزت بالطريقة المتبعة، وبعد ذلك تم خرقها، الموازنة مثل القانون يجيزه البرلمان أو التشريعي ويصبح قانون عقب إجازته ولا يجوز للدولة تغير معدلات الصرف غير المرنة، وتضع معدلات مرنة من حدود كذا لكذا، أو مصروفات ودخول غير مرئية فلا يجوز أن تزيد عن السقف المحدد، والموازنة في حال تم اختراقها تصبح بلا فائدة، إذا اجزت زيادة في الضرائب بنسبة 5.% وزادت بنسبة 50% وإذا تحدثت عن الصرف على الأمن 20% وصرفت 50% إذا لا فائدة من الموازنة ويجب أن تعيش الدولة رزق اليوم باليوم وتعمل بتقديرات مؤقتة، في العام الحالي لا توجد موازنة حتى الآن، تعد في افرع المؤسسات التنفيذية في الولايات ثم توحد وتجاز في البرلمان وتحدد البنود مافي رفع دعم إلا عبر الموازنة ولا زيادة في الرسوم إلا في الموازنة من بداية السنة الكل يكون على دراية بالزيادة في الكهرباء كم ومتى حتى أرتب أموري وفقا لذلك.
بلا منطق ورحمة
ويرى الخبير الاقتصادي، عبدالله الرمادي، أن الزيادات المتلاحقة على السلع والخدمات مخلة جدا، دمرت الاقتصاد السوداني وهو في حالة تدمير كامل، وكل القرارات التي أدت إلى زيادة الأسعار بحيث لم تكن هناك مراعاة كذلك سعر الدولار الجمركي ورفع الدعم عن مشتقات البترول والقمح دفعة واحدة لم يكن فيه رشد مطلقا، ولا منطق اقتصادي ولا رحمة على المواطن، وأثره كان واضحا في فقد العملة السودانية قيمتها الشرائية يوميا، هذا هو الأثر لهذه الزيادات، زيادة تعرفة الكهرباء ستكون مدمرة وصب المزيد المزيد من “الجاز” على النار المشتعلة أصلا في معدلات التضخم وهذا تضخمي بإمتياز وليس وقته المناسب، ويرى أن الجهات الرسمية قد تكون لها صلاحية في إجراء تعديلات بمراسيم تصدر من الجهة تخول لها فرض الزيادات، وبرر أن وزارة المالية تبحث عن إيرادات مالية لإدارة شؤون البلاد على رأسها المرتبات التي عجزت الفترة الماضية على سدادها نظرا لضمور حجم الايرادات الحكومية، جراء فقد العملة لقيمتها الشرائية.
معدلات التضخم الجامح تستوجب طباعة المزيد من العملات وهو يعالج ظاهرة شح السيولة، ويقول أن كل المشكلات الاقتصادية تمسك بتلابيب بعض إلى أن وصل إلى هذه المرحلة من سوء الإدارة الاقتصادية بالبلاد حتى صار مُقعدا.
تأجيل لحين النظر
ارجأ مجلس السيادة زيادة تعريفة الكهرباء لحين عرضها على مجلس السيادة فيما قررت اللجنة التي شكلها السيادي الإلغاء الفوري لزيادة سعر الكهرباء.
وأكد عضو السيادة الإنتقالي أبو القاسم برطم، أنه لن يتم فرض زيادة على قطاعي الزراعة والصناعة بأي حال من الأحوال في المستقبل.