د. مزمل أبوالقاسم يكتب .. الاقتصاد أولاً

سودانية نيوز .
* سيبيع وزير المالية السراب لشعبه إذا صدق ما زعمه عن أن أصدقاء السودان سيتولون تمويل ميزانية العام المقبل، مثلما صرح قبل أيام من الآن.
* من حقنا أن نسأل د. البدوي عن هوية أولئك الممولين الكرماء.. من هم؟
* هل نمتلك حلفاء وأصدقاء يتمتعون بكرمٍ حاتميٍ، يؤهلهم لرفدنا بعدة مليارات من الدولارات، كي نتمكن من تغطية العجز المتوقع في ميزانية العام المقبل، بخلاف ما وعدت بتقديمه لنا السعودية والإمارات؟
* دعم الدولتين الشقيقتين معلن، ومحصور في ثلاثة مليارات دولار، استهلكنا أكثر من نصفها خلال العام الحالي على هيئة وقود وقمح ومدخلات إنتاج زراعي، وسيتم تسديد بقيتها بحلول منتصف العام المقبل.
* بما أن عوائد صادراتنا محصورة في أقل من ثلاثة مليارات دولار، مرشحة للتراجع بسبب قرار وقف صادرات الماشية، فمن الطبيعي أن نتساءل عن هوية الأصدقاء الذين سيوفرون لنا أكثر من خمسة مليارات دولار، كي نغطي بها العجز البائن في ميزان المدفوعات؟
* أثبتت الشهور الماضية أن الرهان على جلب دعم مادي من الغرب يعد سراباً بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء.
* هدية الأمريكان الراتبة لشعبنا المنكوب وصلت قبل أيام بأمر الرئيس ترمب، عندما بادر بتجديد وضع اسم السودان في قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وذلك يعني أن معاناة المؤسسات المالية الوطنية في التعامل مع نظيراتها الأجنبية ستستمر عاماً آخر على الأقل.
* الهبات اليسيرة والدعومات الشحيحة التي تأتينا من بعض الأوروبيين لن تغني عن اقتصادنا المتهالك شيئاً، وأبواب البنوك الدولية والدائنين ستبقى مغلقةً في وجوهنا، لأن الحصول على قروضٍ جديدةٍ منها مرتبط بالانتظام في سداد أقساط الديون القديمة، وهي مقدرة بأكثر من خمسة وخمسين مليار دولار، منها أصل الدين المحدد بسبعة عشر ملياراً، وبقيته التي تراكمت على هيئة فوائد لتثقل ظهر الشعب المغلوب على أمره عاماً إثر عام.
* نسبة ديون السودان الخارجية تخطت الحدود الاسترشادية، وبلغت 166 % من إجمالي الناتج المحلي، وذلك يعني أن أزمتنا الاقتصادية ستتواصل عاماً آخر على أقل تقدير، ستتعرض فيه العملة الوطنية إلى المزيد من الضغط المؤدي إلى التراجع، لتلقي بأعباء إضافية على المسحوقين، بارتفاعٍ متواصل لمعدلات التضخم والغلاء.
* تلك الصورة القاتمة تضاعف مسئولية التحالف الحاكم، ومن قبله حكومة حمدوك، المطالبة بوضع خطة إسعافية فعالة لإنعاش الاقتصاد، يشرف عليها خبراء مؤهلون، يمتلكون الخبرة والدراية والقدرة على التخطيط الجيد لاستغلال الموارد المتاحة، بتركيزٍ مباشر على القطاعات المنتجة، وعلى رأسها الزراعة والإنتاج الحيواني والمعادن.
* الصورة الكلية للوضع الاقتصادي بالغة القتامة، وتشير إلى أن الحكومة الانتقالية ستواجه تحديات صعبةً، قد تودي بحياتها، ما لم تتحسب لها، وتشرع في معالجتها بطريقة علمية مدروسة، ابتداءً من اليوم.
* المشهد السياسي لا يقل عن الاقتصادي في قتامته ورداءة تفاصيله، بانقسام حاد بين القوى الوطنية، وتعثر واضح في مفاوضات السلام، التي انطلقت بغياب لاعبين رئيسيين، لتؤذن بالحصول على اتفاقيات جزئية، تشبه في محصلتها ما أبرمته الإنقاذ مع بعض الحركات، ولم تجلب به سلاماً، بقدر ما أثقلت به كاهل الخزينة الفارغة بالمزيد من الأعباء.
* مطلوب من حكومة حمدوك أن تستشعر الخطر القادم من فورها، وأن تتفرغ لمعالجة أزمة الاقتصاد بطريقة واقعية، لأن التعامل معها بالأحلام الوردية سيؤدي إلى استفحالها، لتدفع الحكومة اليافعة ثمنها غالياً، بوصمها بالفشل والعجز عن تخفيف معاناة معاش محمد أحمد الغلبان.
* عالجوا الأزمة الاقتصادية، قبل أن تقضي على مكاسب الثورة، وتورث الناس المزيد من البؤس والفقر واليأس.

التعليقات مغلقة.