سودانية نيوز.
تحت عنوان ancient nubia now، ينظم معهد بوسطن للفنون الجميلة، بالولايات المتحدة الأمريكية، معرض الآثار النوبية في الفترة من الثالث عشر من اكتوبر ٢٠١٩ إلى العشرين من يناير ٢٠٢٠. تأتي هذه الاحتفالية الرمزية بعد مرور حوالي ٣٠٠٠ ألف سنة من عمر الحضارة النوبية أو الكوشية التي شغلت الحيز الجغرافي الواقع على ضفاف نهر النيل، في وادي حلفا، في المنطقه التي تعرف ببلاد النوبة، أقصى شمال السودان. وهي من أقدم الحضارات البشرية، اذ لا يزال يلفها زخم الغموض والأسرار، نظرا لأن قدماء النوبيون كانوا قد أنشأوا شبكات تجارية واسعة ومتعددة الاتجاهات، إمتدت الى منطقة حوض البحر الابيض المتوسط، مرورا بالحضارة الرومانية والأغريقية، إلى منطقة وسط افريقيا، حيث سيطر ملوك النوبة وحكموا أقدم الحضارات البشرية في القرن الثامن قبل الميلاد، وهي الحضارة المصرية التي شغلت الشطر الشمالي من وادي النيل. فمن خلال هذه الفعالية، والتي سيتم تدشينها في خريف هذا العام، سيتم إعادة تعريف الحضارة النوبية من خلال استشكاف بعض طرائق التفكير والآفاق والاتجاهات التي أماطت عنها اللثام الكشوف الآثارية والأبحاث التاريخية الحديثة التي أجريت في العقود القليلة الماضي. ويبدو ما خلفه النوبيون ورائهم يغلب عليه الطابع المادي، كالإهرامات والمعابد والمذابح والأماكن المقدسة، مع القليل من السجلات المكتوبة. وهذه الوضعية فرضت أن تحكى قصة هذه الحضارة من قبل علماء المصريات، وبعض المستكشفين والبحاثة المتأثرين بالرواية الرسمية المصرية عن أصل حضارة وادي النيل، الذين استبطنت وحملت أطروحاتهم الآثارية عن تلك الفترة انحيازاتهم العرقية.
وتحاول هذه الفعالية استكشاف بعض المنظورات والسرديات التاريخية، من خلال مشاركة علماء وباحثون وفنانون وموسيقيون وأعضاء مجتمع متحف بوسطن، حيث سيتم عرض أكثر من ٤٠٠ قطعة أثرية تعود الى حقبة مملكة كوش (١٥٥٠-٢٤٠٠ ق.م)، ففي فترة الاحتلال المصري لأرض النوبة (١٠٧٠-١٥٥٠ ق.م) وفترة امبراطورية نبتة (800_3000 ق.م).
وتضيء هذه الاحتفالية، وبشكل خاص، تجربة مرتحل نوبي، هاجر واستقر بمدينة بوسطن، يدعى سيد ابراهيم علي، أو عم سيد، حيث انخرط في ممارسة الزراعة على طريقة النوبيين، كما أسس المنظمة النوبية العالمية، والتي تعنى بإحياء التراث النوبي، بمدينة بوسطن في العام ٢٠٠٦.
أيضا يمهد لهذه التجربة الكاشفة لدنيا الشتات والمنافي، اي تجربة عم سيد، مشروع ذاكرة الشتات الوثائقي الذي بلور فكرته ويتأهب لتدشينها وثائقا من خلال هذه الفعالية المصور وصانع الأفلام السوداني محمد الفاضل. وهو من حملة المشاريع الفنية والابداعية التي تولي اهتماما خاصا بالابعاد الانسانية والثقافية لتجربة الشتات وحياة المنافي. ففي البداية انشغلت الذاكرة البصرية لمحمد الفاضل بتجارب الشتات الداخلي، قبل الارتحال الى أمريكا بسنوات قليلة، محاولا نقل أصوات ضحايا النزاعات والحروب والغجر الى فضاء إنساني أرحب. ويعمل الآن هذا المشروع على استشراف آفاق جديدة وكاشفة لأبعاد العلاقة بين الشتات الداخلي والخارجي.
التعليقات مغلقة.